العـــجـز
جلست في عيادتي الخاصة بعد انتهائي من الكشوف اليومية المعتادة استرجع سنوات حياتي حينما التحقت بكلية الطب لتغمرني كل مشاعر الفرحة لاصطدم بعدها بتحمل مسئوليه رهيبة مسئوليه مهنه الحفاظ علي اغلي شيء يتمسك به المرء في حياته وقبل حتى أمواله الصحة ويالها من مهنه وتخرجت بعد سنوات من العذاب ظننت فيها ذلك اليوم أشبه بالمستحيل لأعمل بواحدة من الوحدات الصحية في احدي قري الريف المصري وبدأت أولي مهامي نحو تولي المسئولية ثم بدأت خطوتي تتسع أكثر وأكثر نحو النجاح والشهرة والحب والزواج ليثمر عن طفلتين وصدمت بعدها مباشره ليس لأنني لم أنجب الولد الذي سيحمل اسمي وأنجبت بنتين بل بسبب زوجتي التي اختارها القدر مبكرا لتكون احدي ضحاياه لقد أصيبت بأحد الأمراض الخبيثة ليتخلل خلاياها يوم خلف الآخر والموت ينتظرها في لهفه لينتزعها من بين أحضاني وأحضان طفلتين لم يشبعا بعد بعطف الأم وحنانه وأنا أقف عاجز عن إيجاد أي دواء شعور بالقهر والمرارة امتلأ به حلقي وجعلني أود أن أحطم كل ما أمامي واصرخ لأفرغ كل ما بداخلي من عجز وفشل وهنا حاصرتني كل مشاعر البغض والكراهية لتلك المهنة مهنه الطب وشعرت بأول مره بشعور المريض وليس الطبيب وجنوني يزداد ويتضاعف كلما سيطر عليها المرض كيف يقف العلم هكذا عاجز عن علاجها؟ هل هو ابتلاء من الله ؟ بمجرد أن خطر ببالي هذا التساؤل حتى انتفض قلبي وخلفه انطلق رنين التليفون وبسرعة تلقائيا امتدت يدي لتمسك بالسماعة ولكني فجاه تركتها ليراودني شعور بالخوف هل ستحمل تلك المكالمة اسواء نبا في حياتي؟ لم أكن املك سوي اللجوء إلي الله والدعاء كي يخفف عنها العذاب فقمت لأصلي ركعتين تقربا إلي الله وتركت التليفون يواصل رنينه المستمر ودموعي المنهمرة تزداد مع تزايد شعوري باليأس والعجز كل مشاعر العجز.