عائلة مكونة من خمسة أشخاص (الاب و زوجة الاب و ثلاثة بنات )
الاب يدعى (العمل) والام اسمها (البطالة) واما البنات فأسمائهن على التوالي
الابنة الكبرى (الوظيفة)
الابنة الوسطى (الفرصة)
الابنة الصغرى (الواسطة)..
كانت علاقة الاسرة تبدو في ظاهرها قوية رغم انها في حقيقتها يشوبها بعض المرار
فزوجة الاب كانت قاسية جدا على البنات الا البنت الصغري (الواسطة) فهي ابنتها واما البنتين اللتان تكبرانها فهما من أم متوفية…
فيما كانت علاقات البنات مع بعضهن تمتاز بالتباين والاختلاف في الصفات
وان كانت اقرب بين الاختين الكبرى والوسطى عن اختهما الثالثة الصغرى
أما علاقة الاب (العمل) بالبنت الكبرى (الوظيفة) فقد كانت تتسم بالمودة لتقارب الافكار
وانسجام المواضيع بينهما الى درجة انعدام الخلاف بينهما…
وأما علاقة الاب (العمل) بالبنت الوسطى (الفرصة) فكانت سلبية من الطرفين لأن البنت كانت تشكو زوجة الاب لأبيها وتطالب ابيها بأن يطلقها فيما يعترض الاب متذرعا بأن الايام سوف تجمع بينهما بالتفاهم مما أثر في نفسية البنت واعتزلت في غرفتها وانطوت على ذاتها..ومن غيظها تركت البيت وهاجرت الى بلد مجاور..ورغم مطالبة الاب لها بالعودة الا انها كانت تشترط رحيل الام من حياتهم قبل العودة …
واما علاقة الاب (العمل) بالبنت الصغرى (الواسطة) فكانت مدللة لأنها ابنة الزوجة الجديدة ولآنها اصغرهن عمرا..
فكانت تفيض حيوية مما اكسبها صفة الفضول والتدخل في كل شيء بإقحام نفسها في كل نشاط تلحظه في البيت واظهار ذاتها على حساب الابنة الكبرى (الوظيفة) وان وصلت الامور الى حبك المكائد وايقاع الابنة الكبرى في مصائد المشاكل مع زوجة الاب القاسية الا على ابنتها الحقيقية ..
وأما علاقة الام (البطالة) فكانت سيئة مع الابنة الكبرى (الوظيفة) لأنها اجمل من ابنتها (الواسطة) فحاولت مرارا التخلص من وجودها من البيت وكانت اخرها محاولتها تزويجها من قريب لها يدعى (طلب) الا ان (الوظيفة) رفضت لعدم إكتمال الشروط فيه …
وأما علاقة الام (البطالة) بالبنت الوسطى (الفرصة) فكانت أسوء لأن الفرصة كانت تستفز زوجة الاب (البطالة) بانطوائها على نفسها وهذا لا يتوافق مع مدللتها البشعة البنت الصغرى (الواسطة) التي تريد ان تعرف كل شيء
فكانت سببا وجيها في ترك الفرصة للبيت وهجرتها بعيدا…
واما علاقة الام (البطالة) بالبنت الاصغر (الواسطة) فكانت قوية جدا اذ انهما يجتمعان ليلا يتناقلان الاخبار بينهما
والضحك على احداث اليوم بين ظلم البنات وبين استدراج الاب نحو الاستعطاف وتمثيل دور الضحية في الخلافات..
كان الاب يعمل طوال اليوم …وكان معروفا بالثراء…فهو يعمل في كل المهن
مما يدر عليه الكثير الكثير من المال…وبدأ الاب يفهم شيئا فشيئا ان الخلل في البيت من زوجته الثانية وابنتها..
وانه اذا استمر في ارخاء الدلال فقد لا يستطيع ردهما لاحقا عن العدوان او التمادي على ابنته الكبرى..
فتغيرت معاملته لهما وصار يلمح الى انه سيطردهم خارج البيت اذا ما تعديا على البنت الكبرى (الوظيفة)
فأثار حفيظتهما معا..وفكرا مليا كيف يحتفظان بتواجدهمافي نفس البيت دون ان يخسراه او يخسرا الثروة التي من اجلها كدوا وتعبوا بكل الطرق وبكافة الاساليب الخبيثة..
الى ان اهتدوا وبنفس الوقت الى ما يريح ضميرهم النائم فقررتا قتل الاب..
وحينما جن الليل وبينما كان الاب (العمل) نائما أمسكت زوجته (البطالة) الوسادة
وانقضت على وجهه بكل ثقلها واوقفت انفاسه فلم يطلق الا زفرة اخيرة تزامنت مع صراخه المكبوت
فيما البنت الصغرى(الواسطة) تراقب الباب ..ولكنها تفاجأت بأن ابنته الكبرى( الوظيفة) سمعت صراخه فجاءت راكضة اليه تستطلع الامر وما ان وصلت الابنة حتى رات اباها ميت ولمعان الحقد في عيون قاتليه فأدركت انه ليس ميت بل مقتول….فأدارت نفسها للهروب مطلقة لساقيها عنان الهروب ..ولكن الواسطة لحقت الوظيفة وادركتها وشدتها من ثوبها فأسقطتها وانقضت عليها طعنا الى ان فارقت الوظيفة الحياة..
وهنا وفي غمرة التفكير الاحمر بدات الافكار الشيطانية تداعب مخيلة الام (البطالة) والابنة (الواسطة)
فقد نجحوا من قتل الاب (العمل) وابنته الكبرى (الوظيفة) ..فلم يتبقى الان سوى الابنة الوسطى (الفرصة)
فخافتا ان تعود يوما لتفتضح امرهما في قتل والدها واختها..فعاجلاها برسالة مزورة ذيلاها بتوقيع من ابيها.
كان مضمونها (احضري حالا انا مريض ..اريد رؤيتك قبل ان اموت)….
وما هوالا يوم واحد حتى طرق الباب فكانت (الفرصة) ففتحت (الواسطة) الباب لها مبتسمة بقولها تفضلي يا اختي العزيزة..فيما لم ترد (الفرصة)لأنها تلهث من عجلتها للحاق بأبيها حسب الخبر الكاذب ..وحينما دخلت غرفة الاب المغدور وجدت الام (البطالة) .. وقد اكتنفها العبوس ..فسألتها أين ابي.. فعاجلتها الابنة الصغرى (الواسطة) بطعنة من الخلف ..فبقيت انفاس(الفرصة) وهسيس انفاسها يدوي في البيت وعيونها تلف المكان تبحث عن اثر لأبيها رغم جراحها ..فعاودت الام (البطالة) لف حبل على عنقها وشدته عليها حتى فارقت الحياة…
وهكذا بقيت زوجة الاب (البطالة) وابنتها (الواسطة) تسيطران على البيت
بلا شريك واستولتا على الثروة كاملة .. وتزايدت ثروتهم حتى سميت المدينة
مدينة البطالة والواسطة..تكريما لرمزين وتقديرا لهما…
تلك القصة هي واقع المجتمعات
فالعمل قضى نحبه واستوطنت البطالة فينا
والواسطة دمرت أسس وركائز ودعائم الوظيفة
والفرصة كانت في اغتراب وحينما حضرت واقتربت ثانية منا
تم القضاء عليها نهائيا ..واندثرت..