كنا ثلاثة من الأصدقاء يجمع بيننا الطيش والعجب, كلا بل أربعة, الشيطان كان رابعنا.. فكنا نذهب لاصطياد الفتيات الساذجات بالكلام المعسول ونستدرجهن إلى المزارع البعيدة..وهناك يفاجأن بأننا قد تحولنا إلى ذئاب لا ترحم توسلاتهن بعد أن ماتت قلوبنا ومات فينا الإحساس,هكذا كانت أيامنا وليالينا في المزارع,في المخيمات , والسيارات على الشواطئ,إلى أن جاء اليوم الذي لا أنساه... ذهبنا كالمعتاد للمزرعة .. كان كل شيء جاهز.. الفريسة لكل واحد منا,الشراب الملعون..
شيء واحد نسيناه هو الطعام..وبعد قليل ذهب احدنا لشراء طعام العشاء بسيارته..كانت الساعة السادسة تقريبا عندما انطلق..مرت الساعات دون أن يعود..وفي العاشرة شعرت بالقلق عليه..فانطلقت بسيارتي ابحث عنه..وفي الطريق..وعندما وصلت فوجئت بأنها سيارة صديقي والنار تلتهمها وهي مقلوبة على احد جنبيها..
أسرعت كالمجنون أحاول إخراجه من السيارة المشتعلة..وذهلت عندما وجدت نصف جسده وقد تفحم تماما..لكنه كان ما يزال على قيد الحياة..فنقلته إلى الأرض.. وبعد دقيقة فتح عينيه واخذ يهذي .. النار..النار.. فقررت ان احمله بسيارتي وأسرع به إلى المستشفى .. لكنه قال لي بصوت باك :لا فائدة..لن أصل.. فخنقتني الدموع وأنا أرى صديقي يموت أمامي .. وفوجئت به يصرخ : ماذا أقول له ؟ ماذا أقول له ؟ نظرت إليه بدهشة وسألته: من هو؟ قال بصوت وكانه قادم من بئر عميق: الله .
أحسست بالرعب يجتاح جسدي ومشاعري .. وفجأة اطلق صرخة مدوية ولفظ اخر انفاسه.. ومضت الايام ، لكن صورة صديقي الراحل لا تزال تتردد في ذهني ، وهو يصرخ والنار تلتهمه.. ماذا اقول له.. ماذا اقول له ؟ ووجدت نفسي اتساءل : وانا ماذا ساقول له؟ فاضت عيناي واعترتني رعشة غريبة .. وفي نفس اللحظة سمعت المؤذن لصلاة الفجر ينادي : الله اكبر الله اكبر,حي على الصلاة, احسست انه نداء خاص بي يدعوني الى طريق النور والهداية .. فاغتسلت وتوضأت وطهرت جسدي من الرذيلة التي غرقت فيها لسنوات.. واديت الصلاة.. ومن يومها لم يفتني فرض . واحمد الله الذي لايحمد سواه .. لقد اصبحت انسانا اخر.. وسبحان مغير الاحوال.. وباذن الله عز وجل استعد للذهاب لاداء العمره.. وان شاء الله الحج فمن يدري .. والاعمار بيد الله عز وجل . اللهم ثبتنا على الحق .. ولن نقول لكل شاب الا الحذر..الحذر .
__________________